رجل عبرها كقطار سريع، دهس أحلامها وواصل طريقه بسرعة
الطائرات، فالوقت هو أغلى ما يملك. لا وقت له ليرى ما خلّفه مروره
العاصف بحياتها من دمار. أشجار الأحلام المقتلعة، أعمدة الكهرباء
التي قطع الإعصار أنوارًا أضاءت حياتها، سقف قلبها المتطاير قرميده،
ونومها في عراء الذكريات.
قضت أيامًا مذهولة ممّا حلّ بها. ترى من دون أن تنظر، تسمع
من دون أن تُصغي. تسافر من دون أن تغادر. تعيش بين الناس، من
دون أن يتنبّه أحد أنها، في الحقيقة، نزيلة العناية الفائقة، وأنّ نسخة
مزوّرة منها هي التي تعيش بينهم. نسخة يسهل اكتشافها، فلا شيء مما يسعد الناس يسعدها، ولا خبر ممّا يحدث في العالم يعنيها، وكلّ حديث أيّا كان موضوعه يبكيها. لأن كلّ المواضيع حتمًا ستفضي إلى ذلك الرجل الذي دمّرها ومضى.